يفكّر عمر كثيراً في مدى صحة رأيه و أفعاله و مواقفه. هل نزوله في ٣٠ يونيو كان خطأً؟ أم أن الحال من الطبيعي أن يكون غير مستقرّ بعض الشيء؟
بعض الشيء؟
يتذكّر أصدقاءه الذين قتلوا في جمعة الغضب... ثم يفزع من سرعة مرور الوقت، ٢٨ يناير ٢٠١١، ١١ فبراير ٢٠١٥! ١١ فبراير ٢٠١١. أليس من المفترض أن يكون كلّ شيء على ما يرام كما كنّا نعتقد في ذلك اليوم؟
ثم يتذكّر أنَّ أصدقاءه هؤلاء ليسوا آخر من قُتل... فقد أصدقاءه الإخوان... المسيحيين... الأهلاويين... الزمالكويين... والبنات... البنات. حاول أن يجد شيئاً مشتركاً بين كل من فقدهم... فلم يجد سوى شيئين: أنهم كانوا أصدقاءه، و أنهم كانوا جميعاً رجالاً... رجالاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، جميعهم، جميعهم بلا استثناء. هل هذا يعني أنه فَقَدَ كل أصدقائه الرجال؟ هل هذا طبيعيّ؟ إلى متى سيعيش هو كأنّ شيئاً لم يكن؟
كل من حولي سعيدون بما آلت إليه "ثورة" ٣٠ يونيو، أو لعلّهم يتظاهرون بذلك، لا أدري، هل أنا أتظاهر بذلك أيضاً؟ لا أجد بداً من مجاراتهم... هكذا أفضل... "أفضل" ليست الكلمة الملائمة، هكذا أسهل؟ لكن، هذا ما يراه الإعلام أيضاً، فمن المؤكدّ أنّ هذا هو الرأي الصحيح... الإعلام.... هل الإعلام رأيه صحيح؟ بالطبع! فالإعلام قد تغيّر تماماً وأصبح أكثر شفافيةً و حياديةً... لكنّه لم يقل شيئاً عن أصدقائي المقتولين... و لا يذكر أي خطأ من أخطاء السيسي... أخطاء؟ هل انت مجنون يا عمر؟ السيسي لا و لم و لن يخطئ! لكن لماذا يُقتل الناس؟ نعم، "الناس". هذا لا علاقة لا بالسياسة، "الناس" يُقتلون.
ماذا ستفعل يا عمر؟ لماذا أشعر دائماً بالاختناق؟ قد لا يبدو عليّ هذا، لكنني أختنقُ بداخلي... طوال الوقت...
لديّ كل ما أريد، لماذا إذن أشعر بأن شيئاً أساسيّاً ينقُصني؟ ترى ما هو؟
لم أبكِ عندما علمت بموت أصدقائي. لماذا؟ لماذا لم أبكِ؟ ربما لأنني أعلم أن البكاء سيجعلني ساخطاً... مُدرِكاً... آثرت اللامبالاة والتجاهل... اعتقدت أن هكذا أسهل... اعتقدت...
يشعر بأنّه على وشكِ البكاء، فيحاول الابتعاد بتفكيره إلى شيءٍ آخَر، فلا يجد... لا يريد أن يبكِ... لا يريد أن يسقط... يسقط؟ انت جبانٌ يا عمر... ابكِ يا عمر وارتقِ! ابكِ وتذكَر! ابكِ وتألّم! ابكِ... لا تقتل إنسانيتك أكثر من هذا... ألا تريد أن تكون رجلاً يا عمر؟
يُغلق عمر عيناه وينام... ينام مختنقاً... ينام و يعلم أنه سيبلل الوسادة...
تُصبح على خير يا عمر.
No comments:
Post a Comment